فحديثه مع الشيخ يختلف عن حديثه مع الشاب وحديثه مع المرأة يختلف مع حديثه معالطفل.....
وهذه قصة لبيان ذلك.....
جابر بن عبد الله رضي الله عنه الصحابي الجليل....قتل أبوه في معركة أحد....وخلف عنه تسع أخوات ليس لهن عائل غيره......وخلف دينا كثيراً ....علي ظهر هذا الشاب الذي لا يزال في أول شبابه....
فكان جابر دائما ساهم الفكر......منشغل البال بأمر دينه وأخواته والغرماء يطلبونه صباحا ومساء....
خرج جابر مع النبي صلي الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع ...وكان لشده فقره علي جمل كليل ضعيف ما يكاد يسير ...ولم يجد جابر ما يشتري به جملا.....فسبقه الناس وصار هو في آخر القافلة...
وكان النبي صلي الله عليه وسلم يسير في آخر الجيش...فأدرك جابراً وجمله يدب به دبيباً....
والناس قد سبقوه ...
فقال النبي :ما لك يا جابر ؟قال يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا...
فقال النبي :أنخه فأناخه جابر وأناخ النبي صلي الله عليه وسلم ناقته....
ثم قال أعطني العصا من يدك أو اقطع لي عصا من شجره ...
برك الجمل على الأرض كليلا ضعيفا
فأقبل صلي الله عليه وسلم الي الجمل وضربه بالعصا شيئا يسيرا....
فنهض الجمل يجري قد امتلأ نشاطا...
فتعلق به جابر وركب علي ظهره ماشيا بجانب النبي فرحا مستبشرا...وقد صار جمله نشيطا سابقا....
التفت صلي الله عليه وسلم إلى جابر...وأراد أن يتحدث معه......
فما هي اﻷحاديث التي اختارها النبي ليثيرها مع جابر....
جابر كان شابا في أول شبابه..هموم الشباب غالبا تدور حول الزواج...وطلب الرزق....
قال النبي يا جابر...هل تزوجت؟ قال جابر نعم
قال:بكرا أم ثيبا....قال بل ثيبا...
فعذب النبي كيف أن جابر شابا في أول زواج له يتزوج ثيبا فقال ملاطفا لجابرهلا تلاعبها وتلاعبك....
فقال جابر:يا رسول الله...إن أبي قتل في أحد..وترك تسع أخوات ليس لهن راع غيري....
فكرهت أن أتزوج فتاه مثلهن فتكثر بينهن الخلافات ...فتزوجت إمرأة أكبر منهن لتكون مثل أمهن....هذا معني كلام جابر..
رأي النبي أن امامه شاب ضحي بمتعته الخاصه ﻷجل أخواته فأراد النبي أن يمزح معه بكلمات تصلح للشباب..
فقال له لعلنا إذا أقبلنا إلى المدينة فننزل في صرار(موضع علي بعد 5كم من المدينة)فتسمع بنا زوجتك فتفرش لك النمارق...يعني وإن كنت تزوجت ثيبا إلا أنها لا تزال عروسا تفرح بك إذا قدمت وتبسط لك فراشها..وتصف عليه الوسائد فتذكر جابر فقره وفقر أخواته....فقال نمارق!! والله يا رسول الله ما عندنا نمارق...
فقال الرسول إنه ستكون لكم نمارق إن شاء الله ثم مشيا....
فأراد الرسول أن يهب لجابر مالا فالتفت إليه وقال يا جابر...فقال جابر لبيك يا رسول الله فقال أتبيعني جملك؟
تفكرجابر فإذا جمله هو رأس ماله..هكذا كان وهو كليل ضعيف...فكيف وقد صار قويا جلدا!! لكنه رأى أنه لا مجال لرد طلب رسول الله...
قال جابر سمه يا رسول الله بكم؟
فقال رسول الله بدرهم!!قال أتغبنني يا رسول الله..فقال الرسول بدرهمين قال جابر لا تغبنني يا رسول الله..
فما زالا يتزايدان حتي بلغا به أربعين درهما
أوقية من ذهب..فقال جابر نعم..ولكن أشترط عليك أن أبقى عليه إلى المدينة..
قال رسول الله نعم..
فلما وصلوا إلى المدينة..مضي جابرإلي منزله وأنزل متاعه من علي الجمل ومضي ليصلي مع النبي فلما خرج النبي قال جابر يا رسول الله هذا جملك..فقال النبي يا بلال أعط جابر أربعين درهما وزده....
فناول بلال جابرا أربعين درهما وزاده..فحمل جابر المال ومضي به يقلبه بين يديه..متفكرا في حاله!!ماذا يفعل بهذا المال؟!أيشتري به جملا..أم يبتاع به متاعا...
وفجأة التفت رسول الله الى بلال وقال يا بلال خذ الجمل وأعطه جابرا..جبذ بلال الجمل ومضى به إلى جابر..فلما وصل به إليه..تعجب جابر...هل ألغيت الصفقة؟!
قال بلال خذ الجمل يا جابر.. .قال جابر ما الخبر
قال بلال قد أمرني رسول الله أن أعطيك الجمل..والمال..فرجع جابر إلى رسول الله وسأله عن الخبر أما تريد الجمل!!
فقال رسول الله:أتراني ماكستك لآخذ جملك..يعني أنا لم أطالبك بخفض السعر لآخذالجمل وإنما لأجل أن أقدر كم أعطيك من المال معونة لك على أمورك........
فما أرفع هذه الأخلاق.
ما يستفاد من القصة:
*اختيار أحسن الكلام يجعل الناس يحترموك.
